1- السوسيولوجيا :

1- السوسيولوجيا :

تعتبر السوسيولوجيا “علما نقديا يتخذ كهدف له تفسير وفهم الميكانيزمات الاجتماعية الخفية”1، وقد ظهر هذا العلم في القرن 19 نتيجة للتراكم الكمي والكيفي الحاصل في الدراسات القانونية والسياسية والاقتصادية وبرزت ضرورة قيام علم يهتم بالظواهر الاجتماعية بما هي اجتماعية خصوصا بعد ظهور مبدأ التخصص في العلوم، بحيث لم تعد الفلسفة أما للعلوم، وهذا الانفصال ساعد على انطلاق التأسيس لعلم الاجتماع على يد الآباء المؤسسين : سان سيمون، أوغست كونت، إيميل دوركهايم، كار ماركس، وماكس فيبر. ليصبح بذلك علما قائما بذاته له مناهجه ونظرياته المتنوعة التي تسعى إلى مقاربة الظواهر الاجتماعية فأساس السوسيولوجيا –حسب مارسيل موس- هو ملاحظة المجموعة الاجتماعية وسلوكاتها ملاحظة شمولية 2 والفاعلون الاجتماعيون –حسب بيير بوريو- لا يعرفون حقيقة ما يفعلون ولماذا3، والنظرية الاجتماعية تعتبر أن الفاعلين الاجتماعيين لا يعرفون الأسباب الموضوعية التي تقودهم4. يسعى السوسيولوجي إلى فهم الظواهر الاجتماعية وسلوكات الأفراد لتفسير دلالاتها معتمدا على الملاحظة والمعاينة المباشرة للوقائع الاجتماعية لشرح لماذا توجد على نحو ما وليس على نحو آخر. لتأتي مرحلة التأويل والربط بين واقعة/سلوك وبين العلاقة الجدلية بين ما هو فردي وما هو جماعي. فالملاحظة حسب دوركهايم هي بداية الممارسة السوسيولوجية ،ان تلاحظ محاولا التخلص من كل حكم قيمة . وفرق ماكس فيبر بين المعنى الذي يعطيه الفاعلون الاجتماعيون لسلوكاتهم والمعنى الموضوعي الذي يعطيه الباحثون (معنى ذاتي ومعنى موضوعي)، ويعتبر ماكس فيبر أن النشاط الاجتماعي سلوك مفهوم1. ويتدخل في تشكيل السلوكات الاجتماعية لدى الأفراد والجماعات “الوسط الاجتماعي” –حسب إيميل دوركهايم- والتربية والتداخل بين ما هو ثقافي وما هو اجتماعي في شتى تمظهراته : الدينية، السياسية، الاقتصادية والأخلاقية… وتعد الأبحاث السوسيولوجية الميدانية والمعاينة المباشرة للظواهر والسلوكات الاجتماعية أهم ما يرتكز عليه هذا العلم لأنها هي الكفيلة بإعطاء الصورة الحقيقية للقوانين التي تتحكم في توجيه الظواهر والسلوكات والوقائع في لاوعي الأفراد، فالأبحاث الميدانية –كما يقول مارسيل موس- كانت دائما متقدمة على الأبحاث النظرية.فالمناهج –حسب دوركهايم-تختلف تبعا لتطور العلوم .