Canalblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog
Publicité
jebbour4ever
jebbour4ever
Publicité
Archives
1 juillet 2007

جان بيير دولاس وبرونو ميلي :اريخ الأفكار السوسيولوجية

جان بيير دولاس وبرونو ميلي :اريخ الأفكار السوسيولوجية   

مؤلفا هذا الكتاب هما البروفيسور جان بييردولاس وبرونو ميلي. والأول هو أستاذ علم الاجتماع في جامعة مرسيليا، أما الثاني فهو أستاذ محاضر في جامعة السوربون بباريس. وفي هذا الكتاب الموجه إلى طلبة الثانويات والجامعات يستعرض المؤلفان تاريخ علم الاجتماع منذ البداية وحتى الآن، وينقسم الكتاب إلى تسعة فصول مع مقدمة وخاتمة، لفصل الأول مكرس لدراسة الأفكار الاجتماعية لكبار الفلاسفة اليونانيين من أمثال أفلاطون (347 ـ 428) قبل الميلاد، ثم أرسطو (322 ـ384) ثم القديس اوغسطينوس (354 ـ 430) بعد الميلاد.
ثم يتحدث الكتاب بعدئذ عن علمنة الفكر وانتصار العقل في أوروبا في المرحلة الواقعة بين القرنين السادس عشر والتاسع عشر، ففي القرن السادس عشر حصل حدثان مهمان جداً على الصعيد الديني والفلسفي هما: الاصلاح الديني البروتستانتي، وحركة النهضة الأوروبية. وفي القرن السابع عشر ظهرت الفلسفة الديكارتية التي أعطت للغرب درساً كبيراً في النهج والتفكير العقلاني المنطقي واما في القرن الثامن عشر فقد ظهرت فلسفة الأنوار وهذان القرنان كانا مهمين جداً من حيث تأسيس العلم والنظريات الفلسفية والسياسية. فقد ظهرت فيهما فكرة العقد الاجتماعي بين الحاكم والمحكومين وتزعزعت فكرة الحق الآلهي للملوك ومن اكبر الفلاسفة الذين نظروا لهذه الحقبة نذكر الفيلسوف الانجليزي توماس هوبز (1588 ـ 1679)، والفيلسوف الانجليزي أيضا جون لوك (1632 ـ 1704) والفيلسوف الفرنسي جان جاك روسو (1712 ـ 1778). ثم جاء مونتسكيو (1689 ـ 1755) وبلور القانون العلمي للمجتمع، كما بلور النظرية الشهيرة باسم الفصل بين السلطات أي بين السلطة التشريعية، والسلطة التنفيذية، والسلطة القضائية ولا تزال مجتمعات الغرب المتقدمة تتبع نظريته حتى هذه اللحظة. ثم يردف المؤلفان قائلين: ان كلمة علم الاجتماع اخترعت لأول مرة من قبل الفيلسوف الفرنسي اوغست كونت في القرن التاسع عشر، فهو الذي اخترع كلمة سوسيولوجيا التي نترجمها الى العربية بعلم الاجتماع. وقد بلور هذا الفيلسوف نظرية مشهورة باسم قانون المراحل الثلاث وفيه يقول بأن البشرية تمر بثلاث مراحل من حيث التطور: المرحلة اللاهوتية، فالمرحلة الميتافيزيقية، فالمرحلة الوضعية أو العلمية. ففي البداية كان الناس يفسرون الظواهر الطبيعية عن طريق الأساطير والأفكار الغيبية ثم تطورا أكثر وراحوا يفسرونها عن طريق الأفكار التجريدية التي تأخذ الواقع بعين الاعتبار الى حد ما، ثم راحوا اخيراً يفسرونها بطريقة علمية محضة وهذا هو عصر العلم الفيزيائي الوضعي الذي توصلنا إليه أخيراً. ولهذا السبب دعا كونت فلسفته بالفلسفة الوضعية وقال بأنها نهاية التطور الذي يمكن ان تصل إليه البشرية، ثم دعا إلى تأسيس علم الفيزياء الاجتماعية أو علم المجتمع على أسس علمية تماماً كعلم الفيزياء أو الكيمياء أو الرياضيات وقال بأن المجتمع يخضع لقوانين علمية مثله في ذلك مثل بقية الكائنات الحية أو الظواهر الموجودة في الطبيعة. وعلى هذا النحو راح علم الاجتماع يدرس المجتمع في كل حالاته ومكوناته وتبين للعلماء ان المجتمع يقوم بردود أفعال معينة اذا ما تعرض لضغوط معينة، وبالتالي فهناك قوانين تتحكم به. ثم يتحدث المؤلفان بعدئذ عن تطور علم الاجتماع منذ نهاية القرن التاسع عشر وحتى الحرب العالمية الثانية، وهنا يخصص الكتاب فقرة للتحدث عن علم الاجتماع في انجلترا وايطاليا.
ومن أشهر علماء الاجتماع الانجليز الذين ظهروا في تلك الفترة هيربرت سبنسر (1820 ـ 1903) والشيء الغريب الذي يلفت الانتباه هو ان الفيلسوف الكبير كان في البداية معلماً ثم أصبح مهندساً لطرق الحديد ثم اصبح صحافياً قبل ان يصبح احد كبار الفلاسفة وعلماء الاجتماع في القرن التاسع عشر. وقد عاش كل حياته الفكرية خارج الجامعة الرسمية التي لم تعترف بأعماله، ولكن من يعرف أسماء أساتذة الجامعة آنذاك؟ من يتذكرها؟ اما اسم هيربرت سبنسر فقد بقي على مدار التاريخ ولم يمت بموته. وهناك فلاسفة وعلماء كبار لم تقبلهم الجامعة في حياتهم. وتكمن عبقرية هذا العالم في تطبيقه للمنهجية الطبيعية والتطورية على دراسة المجتمع، وقد عبر عن ذلك في كتابه: مباديء علم الاجتماع الذي نشره بين عامي 1857 ـ 1892. وفيه اكتشف نظرية الاصطفاء الطبيعي قبل ان يكتشفها داروين في أصل الأنواع. ومعناها ان البقاء للأقوى في الطبيعة والمجتمع فالكائن الذي يعرف كيف يتأقلم مع الظروف المستجدة هو الذي ينجح ويستمر والكائن الضعيف الذي لا يعرف كيف يتأقلم يموت وينقرض.والصراع في المجتمع بين البشر يشبه الصراع في الطبيعة بين الحيوانات أو الكائنات الحية، فدائماً الغلبة للأقوى. ثم قال سبنسر بأن هناك تشابهاً بين علوم الطبيعة وعلوم الإنسان، ولكي تصبح العلوم الإنسانية دقيقة وموثوقة علمياً ينبغي أن تقلد علوم الطبيعة. وهذا ما قال به أوغست كونت أيضاً.
وقد أثرت هذه الأفكار لاحقاً على عالم الاجتماع الفرنسي الكبير اميل دوركهايم (1858 ـ 1917). فمشروعه كان يهدف إلى دراسة المجتمع في كل تجلياته الدينية والدنيوية وإلى أن يجعل من السوسيولوجيا علماً بالكامل. والمقصود بذلك أن تصبح علماً قادراً على استنباط القوانين التي تتحكم بالمجتمع والأفراد على حد سواء. وكان يدعو إلى اتباع منهجية العلوم الطبيعية، وبخاصة علم الفيزياء والبيولوجيا، في دراسة الظواهر الاجتماعية. بهذا المعنى يمكن القول بأن ثقة علماء الاجتماع بالعلم الفيزيائي كانت بلا حدود في القرن التاسع عشر. وكذلك ثقتهم بعلم الأحياء أو البيولوجيا. وهما العلمان اللذان حققا تقدماً كبيراً آنذاك.

وقد أراد دور كهايم دعم النظام الجمهوري العلماني عن طريق تأسيس علم الاجتماع على قواعد راسخة. ومعلوم أنه ألف كتبه الأساسية في النصف الثاني من القرن التاسع عشر أو بدايات القرن العشرين حيث كان الصراع على أشده بين أنصار النظام الجمهوري وأنصار النظام الملكي. وفي ذلك الوقت لم يكن هذا الصراع قد حسم فعلاً بين الطرفين. ثم يردف المؤلفان قائلين: كان ترسيخ النظام الجمهوري هو الهم الأساسي للطبقة السياسية والثقافية الفرنسية في نهاية القرن التاسع عشر. وكانوا دائماً يخافون من عودة النظام الملكي وأنصاروالواقع أن انتصار الجمهوريين لم يحسم إلا عام 1875. وقد ساهم دوركهايم في خلع المشروعية العلمية أو الفكرية على النظام الجديد. ولكن قوى الرجعية لم تستسلم تماماً وظلت تناوش النظام الجديد وتحاول زعزعته. فالنظام القديم في فرنسا كان يحظى بالمشروعية الدينية التي تخلعها عليه الكنيسة الكاثوليكية.

وأما النظام الجديد فكان معادياً لهذه الكنيسة. ولكن بما أنها تسيطر على نظام التعليم في فرنسا فقد كان مضطراً لمحاربتها على هذه الأرضية بالذات وسحب البساط من تحت أقدامها. وقد ساهم دوركهايم ومثقفون آخرون عديدون في محاربة الكنيسة الكاثوليكية عن طريق اتهامها بالظلامية والتخلف والتعصب الديني والرجعية. وقد كانت كذلك بالفعل. ولم تخضع للحداثة إلا بعد زمن طويل.

وبالتالي فقد جاءت كتب دوركهايم في الوقت المناسب لكي تمهد الأرضية لانتصار العلمانية في فرنسا، وهكذا كان لها بعد سياسي وليس فقط بعداً علمياً أو سوسيولوجياً. كانت منخرطة في هموم عصرها وقضاياه.

ثم يتحدث المؤلفان بعدئذ عن اثنين من كبار مؤسسي علم الاجتماع في القرن التاسع عشر: كارل ماركس، وماكس فيبر. الأول (1818 ـ 1883) كان منظراً نقدياً وثورياً.

وقد ساهم كثيراً في الانتقال من المرحلة المثالية في الفلسفة إلى المرحلة المادية الواقعية. وبين نظريته العلمية على الدور الكبير الذي تلعبه قوى الإنتاج ووسائل الإنتاج في المجتمع الصناعي الرأسمالي الناشئ في أوروبا.

وكان المنظر الكبير لصراع الطبقات وبخاصة الطبقة العمالية والطبقة البورجوازية والرأسمالية. وكان تأثيره كبيراً على القرن التاسع عشر والعشرين حتى سقوط الشيوعية عام 1989. بعدئذ فقد الكثير من بريقه وأهميته.

وأما ماكس فيبر (1864 ـ 1920) فقد كان يفرق بين مهنة عالم الاجتماع ومهنة رجل السياسة المنخرط في هموم عصره وقضاياه. وقد عانى من هذا النزاع كثيراً في شخصه لأنه كان عالم اجتماع ورجل سياسة في الوقت ذاته! والفرق بينه وبين ماركس هو أنه اهتم بالرأسمال الرمزي أو الديني وليس فقط بالرأسمال المادي.

ففي رأيه أن العامل الديني يؤثر على المجتمع أيضاً وليس فقط العامل الاقتصادي كما زعم ماركس. وأحياناً يكون تأثير الأول معادلاً للثاني وربما أكبر منه في بعض الظروف. فالناس لا تحركهم فقط الدوافع المادية أو الاقتصادية. وإنما تحركهم أيضاً الدوافع المثالية أو الروحية أو الدينية.

وأكبر دليل على ذلك الحروب الصليبية. فلم يكن الدافع إليها مادياً بالدرجة الأولى كما زعم بعض المفكرين الماركسيين. وإنما كان الدافع دينياً لأن عقلية الناس في ذلك الزمن كانت متأثرة جداً بالمقولات الدينية المسيحية.

صحيح أن هذه المقولات لم تعد تؤثر على عقلية الأوروبيين المعاصرين الذين أصبحوا علمانيين. ولكنها كانت ذات تأثير حاسم على أسلافهم في القرون الوسطى. من أشهر كتب ماكس فيبر: سوسيولوجيا الدين.

وهو عبارة عن دراسة سوسيولوجية وعلمية للدين الهندوسي، والدين البوذي، والدين اليهودي القديم وفيه يشرح العلاقة الجدلية الكائنة بين الدين والمجتمع. فالدين بقدر ما يؤثر على المجتمع يتأثر به أيضاً.

ويمكن القول بأن عالم الاجتماع الفرنسي المعاصر بيير بورديو قد مشى على خطى أسلافه الكبار الذين أسسوا السوسيولوجيا بالمعنى العلمي للكلمة: أي ماركس، دوركهايم، ماكس فيبر.

وكان يقول بما معناه: ما لم يره ماركس في الواقع الاجتماعي رآه ماكس فيبر، وما لم يره ماكس فيبر رآه دوركهايم، والعكس صحيح أيضاً وهذا يعني أنه لا يمكن لأي عالم مهما كبرت أهميته أن يرى كل جوانب الحياة الاجتماعية. فلابد أن يركز على بعض الجوانب وينسى بعض جوانبها الأخرى.

وهذا شيء اجباري في العلم، ولذلك فإن بورديو حاول أن يفهم كلية الواقع الاجتماعي من خلال تسليط أضواء المنهجيات الثلاث على المجتمع: أي منهجية ماركس، ومنهجية دوركهايم، ومنهجية فيبر.

الكتاب: تاريخ الأفكار السوسيولوجية

Publicité
Publicité
Commentaires
Publicité